بابور عكاشة

تكهنات سياسية للمستقبل اليمني

 هنا مجنون يتحدث بصوت عال يقول.. أيها الناس:

ولو بحت أصواتنا وباءت كل محاولاتنا في تغيير الواقع السيئ بالفشل ، وبات المستقبل أمامنا مسدودا ، فلا يأس أيضا ..
فما زلنا نملك " الوهم ".
والوهم أيضا وسيلة ، على الأقل نعيش به حتى يصل بنا العمر لمنتهاه .

لكم أن تحلموا على سبيل الوهم بأن الغد سيكون أجمل .. قولوا لأنفسكم : غدا ستتوقف الحرب وسيعود الساسة والمغتربون إلى أرض الوطن ، سيفرج عن المعتقلين وسيعود المفقودين ، ستهدم المتارس ، وستزال كل الحشود العسكرية والعوائق الترابية والأسلاك الشائكة في حدود المحافظات ، ستمحى الحدود وسيتحد التراب ويختلط الناس بعضهم البعض شمالا وجنوبا. غدا ستزول مسميات العنصرية ولن يكون لنا سوى اسما واحدا ولقبا واحدا يمنيون ينتمون لوطنا واحد ونحمل هوية واحده وهدفا واحد أيضا .

غدا ،،
سنتنازل لبعضنا البعض ، ونقبل بعضنا البعض ، وسنؤمن أن الوطن يتسع لنا جميعا على اختلاف أحزابنا السياسية وطوائفنا الدينية .
سيعترف الإصلاحيون بأن عبدالملك الحوثي ابنا لرسول الله وسيرضون له ولحاشيته بأن يكونون في هرم السلطة في مقام الولاة الذين حث رسول الله على مولاتهم وحذر من معاداتهم .

فيما يعترف عبدالملك الحوثي بأن الإصلاحيون أحفاد حسن البناء المجددون الفعليون الذين يطمحون بإعادة الخلافة الإسلامية ويتفق على أن ينفردون لأنفسهم بوزارة الأوقاف والإرشاد ،،
فيتفرقون بمسابحهم وجمعياتهم الخيرية على جميع المساجد في البلاد يعبدون الله ويجمعون التبرعات لصالح الأقصى بكل طمأنينة .

ويتفق الحزبان أيضا بأن كوادر المؤتمر الشعبي العام أصحاب فهم بالسياسة بحكم خبرتهم السابقة ، فيتفقون بعد بناء نصب تذكاري لرفات الزعيم في ميدان السبعين أن تسلم لهم وزارة الخارجية .
فيما يتذكر الجميع نزاهة الشهيد الرئيس الحمدي فيقررون لملمة قادة الحزب الناصري وتسليمهم وزارة العدل والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة .
ويشرع الجميع بالتوافق وإعطاء كل حزب ما يناسبه من مؤسسات الدولة ..
يتم الخلط في توزيع المناصب على الأشخاص بطريقة مضحكة أحيانا .. عيدروس الزبيدي يعين محافظا لصنعاء ويوزع بقية أعضاء الحراك الجنوبي كمدراء عموم للعاصمة .. لماذا ؟!!
حتى تزال سلوك العنصرية من النفوس ، ويتغير المناخ لديهم ، فلربما أن برودة الطقس يمنحهم شيئا من الوطنية ويقربهم أكثر من الوحدة اليمنية المباركة !!

فيما تنقل الفضائيات اليمنية مراسم أداء عبد ربه منصور هادي اليمين الدستوري أمام الشعب كمندوب دائم للجمهورية اليمنية في الأمم المتحدة ،،،
يظهر عبدالملك الحوثي على شاشة قناة سهيل الفضائية وسط حشودا هائلة وهو يقترح أن يعطى حزب الحق فرصة إدارة وزارة الشباب والرياضة ، فيعترض حميد الأحمر على المقترح قائلا " دعو الوزارة هذه لحكم القبائل وسترون نتائج مبهره على الملاعب الدولية ، طالما أنه لم ينفع مع اللاعب اليمني التمارين الرياضية والتدريبات ولم يحقق للكرة اليمنية شي طيلة هذه السنين فلنجرب معه طريقة تحفيز القبيلة ، كيف أن يعطي كل ما لديه بنخوة القبيلة لأجل الوطن " ،،
يهز عبدالملك راسه موافقا ثم يعانق حميد الأحمر عناقا حارا وكأن شيئا لم يكن بينهما من قبل ! ،
تهدأ الأصوات قليلا .. ويظهر بعد ذلك طارق عفاش عند باب القاعة ينادي بالمجتمعون ..
_ أنتم مدعوون جميعا إلى منزلي لتناول وجبة الغداء .

تمضي كل تلك الأحداث بسلاسة تامه ، وسط رغبة صادقة من الجميع ببداية صادقة لخدمة الشعب والوطن ..

ينتهي الاجتماع .. يمضي الجميع ، نحو التركة الثقيلة من المباني الفارهة التي خلفها علي صالح ..
ينقسمون هناك مجموعات مجموعات ينتظرون الغداء ، ومازال الوطن حديثهم وشغلهم الشاغل ..
قليلا من الوقت ويظهر احمد علي صالح حاملا أواني السلته الحارة ، يتبعه يحيى يوزع الخبز ، فيما يلحق طارق عفاش باللحم ..
وفجأه يسمع الجميع خبرا طارئا مفاده " أن تهامة تتعرض لأمطارا غزيرة في هذه الأثناء ، وقد وصلت معظم المناطق فيها مرحلة الغرق " .
يمسك الزنداني اللقمة وقد هم بأكلها ويقسم " والله لا أتذوق كسرة خبز حتى أنقذ أهلنا وربعنا في تهامة "
ينهض ويولي خارجا بسيارته الخاصة نحو تهامة ..
ويتبعه بقية القوم ، منهم من قام جائعا ، ومنهم من اكتفى بأخذ كسرة خبز في جيبه ، ومنهم من أكل حتى شبع ثم لحق بأفواج المنقذين كطارق عفاش .

ذلك وأكثر أيها الشعب غدا .. وإن غدا لناظره لقريب .
فقط نحتاج قليلا من الصبر ، نتجاوز به ما تبقى من الأيام نحو تلك الأيام الواعدة .
سننجو .. سنصل الشاطئ بإذن الله .
سنعيش ما تبقى من العمر في أرغد وأترف حياة .

ومن يدري ؟
لعلك ليلة الخميس القادمة تحتضن حبيبتك على فراشا من ريش النعام في غرفة نوما فارهة ؟ وتنسى أصوات سريرك الحالي المزعج .
الله كريم .