انعكاس الصورة لا يمثلني
متكئ على ناصية الألم مني في غرفة مستحدثه إخترتها أخيرا للفرار من زحمة الوجوة. مثل تمثال فوق كرسي لا يستقيم به الحال على جهة.
في المقابل مني.. ألمح صورة تتحرك على شاشة تلفاز قديم تالف فوق مكتب حديدي كان له قيمته في الماضي القريب قبل أن يستغني عنه صاحبه لأن معدنه معرض للصدأ إلى غرفة النفايات هذه ويصبح بلا قيمه!.
تلك الصورة في الشاشة لا تمثلني إطلاقا.
لقد تفحصتها كثيرا مذ جلست قبل نصف ساعه من الآن، عدلت وضعيتي لأكثر من مرة لعلها تختفي دون جدوى.
نمت على السرير، جلست القرفصاء، قفزت من السرير إلى الأرض مثل قط، عدت مكاني..
والصورة تفعل مثلي تماما، تتغير على الكيفية التي أغيرها على نفسي، نامت عندما نمت، جلست حين جلست، وقفزت عندما قفزت، وعادت أدراجها متكئة عندما عدت!.
ليس ذلك فحسب، بل وتمتلك سريرا مثل سريري. حتى ندبة الحبر السوداء هذه فوق جيب ثوبي الأبيض موجودة في جيب الثوب الأبيض الذي يرتديه الشخص الموجود في الصورة على الشاشة داخل التلفاز المعطل!.
لا أكاد أصدق ابدا، حتى وقد إقتربت من الصورة مسافة صفر، بعد أن دعجت عيناي وتفحصت الملامح بشكل دقيق جدا.
ومع ذلك أصر على أن ذلك الشخص ليس أنا.
في الجزء العلوي من المكان الذي أجلس فيه، عند أذني مباشرة، سروال قصير لأحد الزملاء فوق صنبور ماء مسدود بلاصق أبيض.
السروال يذكرني بالجلود التي كنت ألمحها أيام الطفولة في خامس أيام العيد في مكب نفايات أضاحي العيد، يابس مثلهم تماما!.
والصنبور يساورني حوله العديد من الأسئلة، ترى لم هو موجود هنا؟. وكأن هذا المكان خطط ليكون مغسلة قبل أن يتحول الى مكان تجمع فيه الأدوات التي تتلف داخل المنشأة.
ياللهول!.
لقد عادت الصورة تتحرك مثلي من جديد.
الشخص مقابلي يقدح النار في سيجارته وينفثها في الأرجاء مثلما فعلت أنا.
منزعج منه جدا لأنه يحاكي تصرفاتي بطريقة ساذجة!.
على الأرض صندوق ينضح ببقايا موصلات وقطع كهربائيه لم تعد تعمل. قريبا منه كأس زجاجي بشكل أنيق جدا، في قاعه بقايا شاي أرهقه الإنتظار لليد التي تزيحه من مكانه دون جدوى، حتى أنه تحول لشكل صلب يصعب تنظيفه!.
هنا أيضا كومة أتربة ناعمة تغطي النافذة التي تحاذي ركني الأيسر، قريبة من متناول يدي، أنقش في هذه اللحظة عليها إسمي باللغتين العربية والإنجليزية.
والرجل أيضا !!.
الرجل الموجود في الشاشة يفعل مثلي.
كم يبدو هذا الأمر مزعجا بالنسبة لي.
من ينقذني من هذا الموقف الذي جلب لي الصداع؟.
الكثير من الأشياء التالفة هنا، كنت سأصورها لكم، كيف تبدوا مكركبة فوق بعضها بطريقة تجلب الدهشة، وكيف أبدو أنا وسط الركام، أقرب ما أكون لجسد تالف أيضا، كيف أشعر بشي من الإنتماء لهذه الغرفة.
هذه الغرفة تمثلني، تحتويني، أشعر وكأني وصلت للمستقر الحقيقي الذي كان يجب أن أكون فيه منذ زمن، لولا أني تأخرت.
مثلما أسلفت هناك الكثير من الأشياء التي كنت سأفصلها لكم، لولا أن تلك الصورة شتتت إنتباهي ومنعتني عن مواصلة الكتابة.
على وشك أن أكسر الشاشة الآن، سأمنح ذلك الأحمق داخل الشاشة ٥ دقائق فقط، إن لم يتوقف عن محاكاته لتصرفاتي بتلك الطريقة المستفزة، وإلا سأتصرف بحماقة، وسيحدث ما لا يحمد عقباه.
وقد أعذر من أنذر.
ص.
تعليقات
إرسال تعليق