القائمة الرئيسية

الصفحات

 

بقلم صخر عبدالعزيز

"تقاس قدرة الفرد على تحمل الأزمات بعدد مرات تعرضه لها"... هكذا يقول العامة.

حتى أنهم يطلقون لقب (رجل مفحوس) على من يتعرض لأكبر قدر ممكن من الصدمات، كناية للقوة التي يمتلكها في مجابهة الصدمات في حياته كيفما كانت لأنه سبق أن عاش مثيلاتها من قبل.


مع أنه لو أخذت فرد ممن يعممون هذا المعتقد وعرضت عليه سياراتان، إحداهما سليمة، والأخرى تعرضت لخمسين صدمة، تتفاوت تلك الصدمات بحسب شدة الحادث التي تعرضت له تلك السيارة،، لكنها كانت بعد كل حادث تقاد إلى ورشة ميكانيكي يعدل الضرر فيها ويصلح لها الهيكل حتى تبدو وكأنها لم تتعرض لصدمة من قبل.

وبعدها أحاول إقناعه بفلسفة الرجل المفحوس قائلا له: السياراتان أمامك بنفس تاريخ الإنتاج، قطعا المسافة نفسها منذ لحظة خروجهما من المصنع حتى اليوم، المختلف فقط أن هذه خرجت تعمل في طرق معبده في منطقة حضرية لذلك هي سليمة لم تتعرض لأية صدمة طيلة سنوات الخدمة، فيما هذه خرجت لطرق وعره في مناطق جبلية لذا فإن كشف بيان الإصلاحات التي جرت عليها يفيد بأن هناك اعوجاج في قاعدة السيارة، إضافة لذلك هناك أيضا قطعتان مهمه فيها ملحمة بعد تعرضها للكسر، خمسة قطع في المحرك تم استبدالها بعد التلف، الهيكل تم تعديله ثلاث مرات وطلاء مقدمة السيارة مستبدل، كما يفيد آخر ميكانيكي عمل عليها بأن السيارة تحتاج حل لمشكلة صرفيتها الزائده للبنزين. فالسيارة وكما تراها يا صاحبي مفحوسة جدا... أيهما سيختار؟!

بلا شك الأولى لأنها سليمة من الأذى.


كذلك هو الإنسان.

كلما تعرض لصدمة في حياته، كلما تحطمت نفسيته. فتكرار الصدمات لا تمنح الفرد أية قوة، وإنما تتلف مكامن القوة لديه. 

وعليه فإنه ليس كل معتقد سائد لدى العامة صحيح، وليس من العدل أن نعطي مهمة اقتحام النوائب لمن تواترت عليهم النائبات بتكرار مخيف.


يصمد الشخص أمام الصدمات المتكررة، ليس لأنه قوي، وإنما لأنه نتيجة تكرار المصائب عليه وخذلان الآخرين له فقد طريقة البوح، لغة إيضاح الألم، هو يتألم الآن لكنه لا يقوى على وصف المعركة التي تعصف به من الداخل، وإن حاول فلا يوجد من يستمع، فقد سبق أن صاح بأعلى صوته مع أول صدمة ولم يحدث شي. 


تعليقات