تهامة إقليم الفقر المدقع
لنفرض انك اللحظة في غرفة مكيفة في إسطنبول، وفتحت بالصدفة قناة يمنية تنقل بثا مباشرا لتهامة، مباشرة ستشعر بالتعب والهلاك، ستعطش وستجوع كثيرا. أنا موقنا بذلك.
مناخ هذه البلاد وحده كافيا ليشعر المرء بدنو الأجل لمجرد النظر إليه، أما أن تعيشه فذلك هو الموت بكل تفاصيله.
تهامة. قطعة جغرافية من الكرة الأرضية غير صالحة للعيش بتاتا.
طبيا
هذه البلاد تعج بعشرات الأمراض الوبائية القاتلة وتعتبر حاضنة للعديد من النواقل للأمراض المعدية.
البعوض والملاريا، الزاعجة المصرية وحمى الضنك، الإسهالات الموسمية الحادة، أمراض الجهاز التنفسي، أكثر من %80 من الأطفال هنا مصابون بسوء التغذية الحاد، شريحة كبيرة جدا من المجتمع مصابة بأمراض تكسر الدم الوراثي، بالإضافة للعديد من الحميات الموسمية التي تكسر الصفائح الدموية والتي لا تستجيب للمعالجة وغالبا ما ينجم عنها نزيف حاد ثم الوفاة في معظم الحالات دون معرفة المسبب.
جغرافيا
تهامة أقرب نقطة من الكرة الأرضية للشمس، تكاد تلمس الشمس بأطراف أصابعك أحيانا، تسمع لليابسة غليان إذا ما أرهفت السمع، كل شي هنا معرض للشواء، ليس هذا فحسب.
هي أيضا نقطة تلاقي التيارات الباردة التي تأتي من قارة أوروبا مع التيارات الدافئة التي تأتي من قارة إفريقيا واصطدامهما معا الأمر الذي ينتج عنه أعاصير ترابية لا تهدأ وتيرتها على مدار السنة.
دينيا
لم تنتبه وزارة الأوقاف بعد أن المواطنون هنا في رمضان يصومون 23 ساعة ويفطرون ساعة واحده في اليوم؟
النهار هنا طويل جدا، والليل لا يكفيك لمضغ طعام الإفطار حتى!
بغض النظر عن الوقت الذي نرقبه في عقارب الساعات، هذه المنطقة تسير بنمطية مختلفة وتوقيت مختلف تماما، وان لم نشعر بذلك في الموقتات، كان يلزم وزارة الأوقاف أن تقيس وقتا لسكان تهامة يلائم الوقت الذي يصومه الناس في بقية بقاع الأرض. أنا متأكد من أنه لو قيس الوقت عدلا لفطر الأهالي هنا على أذان العصر.
تعليقات
إرسال تعليق