في رثاء الأحبة
جدي قائد شريان .. في ذمة الله .
وأنا طفل كنت أرسم العيد في مخيلتي بشخصية جدي قائد... فمتى ما أخبرتني أمي أن أباها سيأتي غدا بحلوى العيد أبتسم وأعرف يقينا أن العيد قد جاء بحذافيره !.
يا ما ظل "العيد جدي وجدي العيد" أعواما حتى وأنا في هذه المرحلة العمرية التي ربما أصبح فيها جدا وأنا أؤمن بهذه الفكرة . أخبروني بالأمس أنه مات، لقد شعرت بأشياء جمه ماتت في دماغي بموته، العيد، وحلوى العيد التي يجلبها جدي، وبشاشة العيد التي يرسمها في وجوه العائلة بمجيئه، و و و ...
ويا خوفي من أن تموت ابتسامة أمي التي لا تساويها كنوز الدنيا إن رحلت .
رحمة الله تغشاك يا جدي، يا عيدي وفرحتي في طفولتي وشبابي، سيمر علينا عيد الفطر بعد أيام بدونك ، هذا إن استحق أن أسميه عيد ، وإلا فأنا مقتنعا تماما بأنه لا أعيادا ولا مناسبات ستمر بحياتي بعد أن اختفيت منها .
وأي معنى لعيدا لا تحط فيه رحالك في دارنا ؟
أي طعما لعيدا لا تصنع حلاوته انت وتنشر بهجته انت؟
وما يفيدنا من العيد اسما ، وقد غاب عنا العيد الذي ألفناه وأحببناه ؟
جدي ..
لم أتذوق حجم الكارثة التي ستحل علينا عندما يحل علينا هذا العيد الأجوف بعد ، لكني ألمح نفسي طفلا ينتظرك بلهفة لا توصف في باب البيت ، أتفحص أشكال القادمون في الوادي ,,
_أتراه يصل الآن ؟
_لقد تأخر كثيرا يا أمي .. ما الأمر ؟
فتجيبني وهي ترتب البيت لاستقبال الضيف القادم ..
_ لابد أنه جلب لنا الكثير من الهدايا ، لذا فقد تأخر لأنه مثقلا بحملها .. لكنه سيأتي يابني ، إياك أن تمسح عن يديك " الحناء " .
جدي ..
كنت طفلا وكبرت ، وجئت بأطفال عودتهم أيضا على أنك العيد والعيد أنت ، حتى إذا ما ألفا عبدالرحمن وبثينة على أنك العيد اختفيت أنت؟
كيف أقنعهم الآن بأن العيد لن يأتي بعد الآن ؟ وأن السعادة لن تزورنا بعد الآن ؟ وأن الحياة ستصبح جوفاء ؟
بل من يقنع الطفل الذي يسكن جوفي بأن الحياة بدأت بالذبول شيئا فشيئا وستموت قريبا ؟
وأن العيد لن يأتي ؟
وأن الحلوى سيصبح مذاقها مرا ؟
والضحكة باتت باهضة الثمن ؟
ولون الحناء أصبح باهتا ؟
ومن سيقنع أمي ، بأن أباها لم يمت ، وإنما ارتقى شهيدا بأن مات غريقا وهو صائما في العشر الأواخر من رمضان " بل أحياء عند ربهم يرزقون ".
لعلها تمن علينا بابتسامتها حتى يظل للحياة نبض نستأنس به ونعيش .
تعليقات
إرسال تعليق