القائمة الرئيسية

الصفحات


صخر عبدالعزيز

فوبيا المدرسة

مما علق في الذاكرة...
وأنا في الصف الأول الابتدائي، كان معلمنا قاسيا نوعا ما وخاصة على الطلاب البليدين، ذات صباح قرر أن يقسمنا ونحن نستظل تحت شجرة خلف المركز الصحي الى مجموعتين مجموعة طلاب أذكياء يجلسون على الناحية اليمنى من الجبل بمعزل عن البليدين الذين يضلون في الناحية الشمالية.
شرع ينتقي الطلاب واحدا تلو الآخر، يشير لأحدهم ويناديه "أنت أجلس هناك" فيقوم من بيننا ويرتقي مكانه في الجهة اليمني، أشار للأول والثاني والثالث والرابع. إلى أن وصل إلى ما يقارب نصف الدفعة.
وأنا واجما هناك أكاد أنفجر من الخوف الذي سيطر على، هل تراه سيناديني؟
أم سيدعني طعما لعصاته الظالمة ضمن المهملين؟

كنت طفلا قرويا، حالة الذعر التي كانت تنتابني لم تكن توصف، لم أكن أعلم بعد هل أنا طالبا ذكيا أم أني بليدا؟

الأمر الذي جعل قلبي ينتفض وكأنه يريد الخروج من بين أضلاعي في تلك الساعة.

ظللت أكتم أنفاسي المتسارعة، حتى لمحني الأستاذ بعد أن أكمل التقسيم محتبيا أرتجف في مكاني من الخوف وقال يشير إلى فئة المتميزين... "وكذلك يقم اليكم صخر".
حينها تنفست الصعداء وقمت أتهادى نحوهم أكاد أسقط على الأرض مغميا علي.

وضل هذا الألم محفورا في ذاكرتي لا يمكن أن أنساه ما حييت!

إكمالا للمشهد أيضا..
لم ينتهي بي المطاف بعد أن نجوت، حتى وإن تم تصنيفي ذكيا فالعصا لم تكن تعترف بالقوانين أبدا، وكانت لا تخطي الطريق نحو يدي وظهري أبدا، على الأقل مرتان أو ثلاث كل يوم دراسي.
حتى أصبح المدرس أمامي شبحا، وصارت المدرسة تعني لي متاهة مليئة بقصص الرعب التي لا تنقضي وإن بذلت أقصى جهد لأصبح ذكيا.
أصبح التعليم في نظر ذلك الطفل فوبيا تزعج نهاره وتؤرق ليله.

لا أذكر أني أحببت المدرسة إلا بعد أن صرت يافعا ربما وقد دخلت في المرحلة الثانوية، ولا أخفيكم أن شيئا من الفوبيا مأ زالت موجودة في نفسي، إذ أصاب بقشعريرة كلما مررت بجانب المدرسة، أشعر بتسارع في نبضات القلب مع برودة ورعشه في الأطراف وشيئا من الهذيان، فأنا لم أتعود عليها بعد، ولم أحبها كما يجب، إذ لم أحصل على الوقت الكافي حتى أمحو عن نفسيتي أفلام الرعب التي رسمتها عن شراسة المعلم، ووعورة التضاريس التي أجتازها نحو المدرسة البعيدة كل يوم، وانعدام الحافز المادي والمعنوي لدي، ومسؤولية الآباء الغائبة تماما، حتى أحبها جيدا.

لعنتي على الماضي المتخلف الذي خضنا تفاصيله مكرهين، وغضبي على حياة القروية التي دخلناها بكامل عنفوان الطفولة وخرجنا منها مراهقين بله العقول مريضي النفوس عديمي الأفكار الناضجة.

ما الفائدة من التعليم إذا كنت تجر إليه جرا وكأنه سجنا يقيد حريتك ويسلب عنك كرامتك وقوتك؟
وأي احتراما لمدرسة تخرج منها كما دخلت تائها بلا بوصلة ولا خارطة تدلك على الطريق نحو مستقبلك؟
تبا.

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق