القائمة الرئيسية

الصفحات

صخر عبدالعزييز


 هلال الريف المكنون

أشد ما يعجبني في الهلال بعد شكله أنه يحب الهدوء كثيرا.
 مثلي تماما.
وهو السر الذي جعله ينفر عن سماء المدن الصاخبة ويلجأ للأرياف المميزة بلياليها التي لا تكاد تسمع فيها إذا أرهقت سمعك سوى حفيف شجرة، وطقطقة قلم شاعر ينسج أبياتا حارة لفتاة قروية تغط في نوما عميق!
وربما أيضا صدى بوسة خفيفة لأحدهم وهو يغني مع السمة " رأيت الهلال ووجه الحبيب. ".

كم أنت جميلا يا هلال. أنرت يا أنيسا يشاركني ليالي الشعر ويقاسمني هدوء الريف كسرة كسرة.
أحبك جدا.

ربنا وربك الله.

أنت محق بعشقك للريف. الريف جميلا جدا
الريف وليالي الريف قصة لا تنتهي من الروعة والرومانسية.
المدينة يا رفيق مزعجة ومقلقة جدا، لولا جمال الفتيات اللواتي يتسكعن بشوارعها لما زرتها البتة، وأظنك مثلي... أليس كذلك؟
في المدينة تتوه، وتتعب، تضطرب أفكارك، وتضيع مفرداتك، وربما تضيع أنت في الزحام ولا تجد أحد يدلك على طريق العودة نحو الريف.

المدينة يا هلال

كما تنص عليها الحقيقة الغائبة إنما خلقها الله لتكون فتنة يضل بها من يشاء، ويصرف عنها من يشاء ممن أراد لهم أن يكونوا شعراء ومبعوثين يدعون الناس لاعتناق الحب دينا!
ولك أن تجرب. تسافر الصباح من الريف وانت شاعرا تهجو حبيبتك التي لمحتها في فناء الدار تخض الحليب لإعداد وجبة الإفطار، لم لا تلوح لك بيديها؟ ولم لا تعتني بنفسها وتمسح بقايا الحليب عن فمها ليتسنى لك رؤية الشامة السوداء المطبوعة على طرف شفتيها المصقولتان؟
..تمضي غاضبا. نحو المدينة،

غاضبا. لكنك على الأقل لا تزال شاعر!
تصل المدينة … ويقع ناظريك بعد سفر شاق على فتاة تهتز في الشارع كوردة. تتمايل وتتابع خطواتها بتناسق عجيب،
تتحسس فيك الشاعر القروي الذي كان يسكنك قبل قليل، تستنفر حروفك لتقول فيها شعرا ولا تجد …
تصاب بالإحباط والفشل.
تستغرب وتسال. ماذا جرى؟
ولا أحد يجيب.
لا أحد يخبرك بأن المدينة رواية من التيه والضجر والجمود الفكري.
حتى نسائها لا تمنحك شيئا غير إثارة الشهوة. وكفى!
وتظل غريبا. تتسكع في أزقتها دونما هدف.
ما لم يعود بك شوقك نحو الريف، والقروية، والحياة البدائية، والحبيبة التي لم تتعود على الميك أب، لتعود شاعرا وتنبض شرايينك بالحياة من جديد.

تعليقات