القائمة الرئيسية

الصفحات


صخر عبدالعزيز

 ثقافة الإختلاف في الإسلام

اليوم في ركعتي الجمعة قرأ بنا الإمام في الركعة الأولى آية فيها موضع سجود .. وصل إلى نهاية الآية وقال "الله أكبر" ..وكبرت أنا معه ساجدا .

لولا أني لمحت أن المصلون جواري ركعوا ولم يسجدوا ، أصبت بالإحراج ..تراجعت عن إكمال سجدتي وعدت راكعا مثلهم !، ضلوا يرددون "سبحان ربي العظيم وبحمده" .. وأنا أسأل نفسي .._ما الأمر ؟
ولينتهي أمر الوسواس الذي انتابني أقنعت نفسي بأنهم على صواب، وأني لا أزال أجهل الكثير من أمور الدين .
المسجد ثلاثة أماكن منفصلة ، كنت ومجموعتي في جزء منفصل عن مكان الإمام ، يعني أننا كنا لا نراه والمصلون خلفه .
نادى الإمام مرة أخرى قائلا "الله أكبر " ولم يقل "سمع الله لمن حمده " بمعنى أنه كان ساجدا ولم يكن راكعا ..
رفعت رأسي خجلا... "الله أكبر ".
...لمحت 4 أشخاص في الصف الأول من المكان الذي نحن فيه ينهضون من السجود مكبرين أيضا !!
.. أكمل الإمام قراءة آية بعد أن قام من السجدة ،وكبر " الله أكبر" راكعا ..وأنا أيضا مع جماعتي" الله أكبر" ركعنا ... فيما ثلاثة أشخاص على الجهة اليسرى مني كبروا "الله أكبر" ساجدين !

غضبت .. أوشكت أن أصرخ بعالي الصوت " ما هذه المهزلة يا قوم ؟"
لولا أني تمالكت نفسي وأكملت صلاتي معهم قياما وقعودا ، قياما وقعودا .. دون أن أقرأ آية ولم أتفوه بتسبيحة حتى .
أنهي الإمام الركعتين،وقبل أن أسلم عن يميني وشمالي أمسكت بالشخص الذي صلى جواري من جهة اليمين .. رجلا في الستينات على ما يبدو لي،ملامحة تحمل الوقار والهيبة ،أظن أنه مديرا لمصلحة الجمارك هنا في المبرز .. أكمل صلاته وذهب يسبح بكل هدوء وكأن شي لم يحدث خلال الركعة الأولى !
سألته .. لم لم تسجد ؟
_أجابني ببرود ..يسجدون في النوافل فقط،، لا يصلح أن تسجد في الفروض .

قال هكذا ونهض يصافح الناس .

تبين لي أنه اختلاف مذاهب ، هو زيدي أنا متأكد من ذلك لأنه صلى مسربلا .


تركته وألتفت ناحية الجهة الشمالية من الصف أبحث عن أولئك النفر الذين ركعوا وقت السجود ، وسجدوا وقت الركوع ؟!
قال لي الأول .. لم يحدث في حياتي أن سجدت في صلاتي دون ركوع من قبل قط.
وقال الثاني .. رأيت المصليين راكعون فركعت مثلهم .
فيما قال الثالث .. يا رجل حتى اللحظة هذه التي أخاطبك فيها لا أعلم ما هي الآية التي قرأها الإمام؟، ولا اعلم اني خالفت المصلين أبدا ، كنت أحاكي حركات المصلون جواري فقط.
أعتذر لربي فقد كنت أفكر في قضية دنيوية أقلقت مضجعي منذ أسبوع .. قال هذا الكلام بحرقة
وأردف قبل أن يغادر .. أنا واثق أن ربي سيقبل صلاتي وسيعفوا عن حالة الغفوة التي عشتها أمامه في الركعتين،، هو يفهمني ويحبني أيضا .
أحسست بصدق الكلام وحسن النية للمتكلم الأخير ، أيقنت بأنه الوحيد الذي ستقبل صلاته من بيننا جميعا ، حتى الامام لن تقبل ركعتيه وقد ظهر أنه يتباهى بأنه حافظا للمصحف حتى إنه عرج على تلك الآية التي أدخلتنا في مشكلة وقطعت خشوعنا وذلنا أمام الله .

لست نادما لأن ركعتي الجمعة هذه باطلة ، أنا نادما على حالة التنافر التي وصلت بين مجتمعاتنا وبين علماء الدين،مقهورا على ثقافة الاختلاف التي اقتنعنا بها في كل شي حتى في أمور ومسائل الدين الواحد !.
لم يعد الغرض من التفقه في الدين لمن يتفقهون فيه إرشاد الناس وترغيبهم بالدين ، بقدر ما هو رغبة لهم في الظهور بمظهر القديسين أمام البسطاء .
وهو السبب نفسه الذي خلق لنا مجتمعا متخلفا دينيا ودنيويا رغم الأعداد الغفيرة من أصحاب اللحى والعمائم البيضاء .
_متى ينزل هؤلاء إلى مستوانا ؟


رسول الله بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم يزور السوق يوما ويضم بجسده الشريف واحدا من بسطاء الناس وينادي مازحا "من يشتري مني هذا العبد؟!"

متى يخاطبوننا بلغتنا؟

_متى يتكلمون عن مشاكلنا،أزماتنا،وأوضاعنا المتردية؟.
_ما الفائدة من تكرار قصص بطولات صلاح الدين في كل خطبة جمعة؟. 
_ما يفيد مقارنتنا بمن فتحوا القسطنطنية وحرروا بيت المقدس ؟. 
_وما الداعي لأن يستهزئ بنا الخطيب ويوبخنا في كل مره بأننا قوما لا ننتمي للماضي ولانصلح لأن نصنع حاضرا للمسلمين؟.

يتبجح الخطيب فوق المنبر وكأنه عاد للتو من إحدى الغزوات الإسلامية؟!.
فيما يستعرض الإمام بقراءة مواقع الاختلاف من الآيات ونقاط الغموض الفقهي وكأن القران أنزل عليه شخصيا ، فيما هو الآن يصلي بالمؤلفة قلوبهم من سادات قريش لعل قلوبهم ترق للإعجاز اللفظي للقرآن طالما أنهم شعراء .. ويسلمون !.

لم يحصل منذ أن ودعت المسيحية واعتنقت الإسلام إلى اليوم أن سمعت خطيب جمعة ينادي المصلون قائلا بعد حمد الله والصلاة على رسولة " ما المشكلة التي تريدونني أتكلم عنها هذه الجمعة؟".

سئمنا التقليد، القراءة من الورق، تذكيرنا مرارا وتكرارا بأن رايتنا كانت تلامس السماء،وأننا أصبحنا ضعفاء!.
نعم.
نحن نشعر بهذا الضعف يا سيدي،ما الداعي لأن نسمعه منك مرة أخرى؟.

صدقوني ..
هذه الأمة لن تتعافى وتعود لسابق مجدها بهؤلاء المهرجون أبدا . نحن بحاجة إلى أئمة يفعلون أكثر مما يتكلمون ..نريد إماما يزيح عنا ثقافة الاختلاف المستوردة في العقيدة.
نريد إماما يخرج قبل صباح الجمعة يذود الناس من الشوارع والأسواق بعصاته نحو المسجد .. يقف هذه الجمعة على المنبر يقول لجموع المصلين يا قوم :-
_من منكم على المذهب الزيدي فلينهض واقفا؟
يحصيهم ثم يقول ..
_ والشوافع؟
_أتباع الحنبلي؟
_ ثم يردف بعد أن يرسم منحنيات بيانية لنسبة الأربعة المذاهب ..
_سنصلي اليوم بطريقة المذهب الزيدي.
يترك واحدا مكانه يؤم بالناس شرط أن يقرأ بهم سورتي الكوثر والإخلاص ،ويأخذ هو عصاه يمر على الصفوف يضرب بها الأيادي التي ترفض السربلة ضربا مبرحا.
ينتظر حتى يتم الجميع صلاتهم ، وينادي من جديد .. 
يا قوم : من صلى منكم ركعتي الجمعة هذه بخشوع فلينصرف خارجا ، ومن غلبة الوساوس فليبق لنحل مشكلته ونقضي أمره ثم يصليها معي من جديد.

هناك فرق في أن يتمسك أولئك البسطاء بدينهم عن دافع حب ، على أن يلتزموا بتعاليمه مرغمين .

لقراءة المقال على صحيفة عدن الغد إضغط هنا

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق