في أعماق الحزن
وقتما تكون حالتك الصحية والنفسية معتدلة توثر عليك السيجارة بشكل سلبي، تشعر بعد كل حبة سيجارة بأن صدرك يشتعل من الداخل، تحس بمضاعفات مخيفة تسري في جسدك، تبدأ تناقش الأفكار التي تتكلم عن مخاطر النيكوتين.. سرطان، أمراض أوعية دموية وقلب، وفاة مبكرة.. إلخ.
على العكس من ذلك حينما تكتسيك مشاعر الحزن.
الحزن يمدك بطاقة تآلف رهيبة بينك وبين النيكوتين، يبعد عنك الأفكار السلبية تجاه الدخان تماما.
الحزن وكأنه ليس مجرد شعور، هذه الأربعة الأحرف وكأنها روح أخرى حين تعيش تفاصيلها تقبل على الدخان بشراهة ولا تشعر بأدنى تغير في صحتك، حتى صدرك لم يعد الذي كان يحترق قبل قليل، مع الحزن تشعر وكأن الدخان يوسع الشعب الهوائية فيه.
في حزنك حبة السيجارة في يدك وكأنها ثغر حسناء لا تمل من لثمه، رائحة الدخان في فمك مثل رائحة خمر معتق، خيوط الدخان تلك التي تغرق فيها ليست دخانا وانما غيمة مقتبسة من مناخ صباحي لصباحات مدينة أكرانيس.
يجب أن يستغل الحزن جيدا.
صدقوني الحزن ليس بتلك الصورة التي رسمناها أبدا، الظاهر منه لا يعبر عنه إطلاقا، في باطن هذا الشعور الكثير من الجمال والمتعة.
في قاع الحزن تقطن الحياة. الحياة التي يبحث عنها الشعراء والفلاسفة، الأبدية، الحياة التي تعطيك قيمتك، التي تستقبلك مثل أم، تحتضنك، تكفكف دموعك، تواسيك، تهديك سر الخلود في الدنيا.
في قاع الحزن ما يتسع لكل أؤلئك الذين يعيشون في خانة الأوجاع، فيه حياة لا تخدش كرامة، ولا تنكي جرح. حياة لا تعترف بالطبقات الإجتماعية، حياة لا يعتريها سقم ولا يشوبها نقص، ولا تحتاج فيها لأحد، حياة تكتفي فيها بنفسك، بل يحدث أن يفيض من نفسك الكثير من القبلات والدعوات التي توزعها على اليائسين من العيش على شكل عكازات ينهضون بها ويواصلون حياتهم.
هي دعوة لكل الهاربون من الحزن إلى الحزن..
مهلا يا قوم، قفوا عندكم، الحزن ليس بشعا حتى تفروا منه، الحزن جميل. فقط جربوا أن تقرأو الحزن بشكل صحيح، لا تقفوا عند قشور هذا الشعور وتقلبوا أوجاعكم هناك مكتوفي الأيدي، هذا خطأ. إرموا بأوجاعكم أرضا وأعبروا من خلال دخان النيكوتين نحو أعماق الحزن، وأنظروا بأم أعينكم كيف هي الحياة هناك جميلة، وسعيدة، ومليئة بالحياة.
تعليقات
إرسال تعليق