محضر اعترافات
يا الله
هذا الضجر الذي يكاد يخنقني، الألم، حالة الاكتئاب غير المفسرة هذه.. لماذا ؟
أيحق لي أن أسألك ؟
هذه الأقدار التعيسة التي تتقاذفني من جانب إلى آخر هل جاءت من باب الصدفة مثلا؟
لا أظن .
" قل لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا".
أنت تعذبني عنوة إذا.
استئناف الحكم
أنا راغب في استئناف الحكم هذا المساء.. هل تسمح لي بذلك؟
هل تعطيني الإشارة الخضراء لأسألك ،، على أي أساس حكمت على حياتي بهذا الجحيم ؟
لم أكن سيء الخلق في صغري ، ولم أنحرف حال مراهقتي قط .. بإمكانك أن تسأل أحد المسنين في القرية عن الطفل الذي كان يبكر نحو المسجد يوم الجمعة الساعة الثامنة صباحا . كنت صالحا رغم ملاحظتي للحياة على أنها تضيق علي يوما بعد آخر .
اعتراف بالجرم
ها أنا أعترف بالذنب يا الله..
إذ لم أصبح سيئا إلا من وقت قريب جدا .. بعد أن وصل اليأس في نفسي إلى درجة لا يطاق، بعد أن أيقنت بالهلاك.
الآن ..
نعم .. أنا عاكف على استماع الأغاني بشراهة غير مسبوقة لكن دونما لذه.
أعاند الجميلات بأبيات غزلية دونما شهوة.
ألعن هذا العالم مع كل سجدة دونما سبب .
جربت كل المحظورات، واقتربت من كل الممنوعات، تناولت كل العقاقير الطبية وأكثرت من المهدئات النفسية والعصبية، مضادات الاكتئاب، المنومات... كل شي يا الله، كل شي.
حتى الميثانول أضع منه ملعقة في كوب بن الصباح، وملعقة في المساء .
لكني لا أفعل ذلك عصيانا لك، وإنما هروبا من عذابك .
أنا اهرب من الواقع ليس إلا.
وأنا طفل .. كنت أبدا يومي بصلاة الفجر واستمع لقراءة سورة من القرآن بصوت السديس من مذياع أبي عبر إذاعة القرآن الكريم السعودية غالبا.. أنت تعلم ذلك جيدا.
الآن غالبا ما استيقظ من نومي الساعة الثامنة على صوت طرقات المرضى لباب العيادة، لا أجد من الوقت متسعا حتى للصلاه أحيانا..
أغسل وجهي كالقط، اشبك في أذني وأنا استقبل أول مريض سماعة بلوتوث واستمع أغنية طلال مداح
مقادير يا قلب الهوى مقادير ..مقادير وأيش ذنبي أنا مقادير.
أستمع بخشوع لا يقل عن خشوع الطفل الذي كان يومئذ لصوت السديس.
ولا أشعر بالذنب حيال ذلك أبدا.
ثم يمضي يومي تعيسا ككل يوم.
لم يطرأ جديد على حياتي منذ زمن ،
يبس قلبي، اضمحلت مشاعري ، تلفت في دماغي مراكز الإحساس.. لم اعد سوى كومة لحم، تحفة حجرية من زمن ما قبل ميلاد المسيح، مومياء ..لقد أصبحت تالفا تماما.
لا أعيش لشئ ولا انتظر شئ ولا اؤمل في شي.
فقط أنا هنا انتظر ما تبقى من الصدمات النفسية، تأتي على جثتي وتمر كسابقيها بسلام.
مستعد لأسوأ المفاجئات ، لم يعد يخيفني شي أكثر مما مضى، بقي فقط أن اشهد على أهوال القيامة الكبرى.
على كل .
أنا أريدك الليلة في جلسة ثنائيه أيها الرب المبارك.
أستمع الآن لأغنية محمد سعد عبدالله مابا بديل ، حالما انتهي من سماعها سأفرش سجادتي واناديك ..
سأدعوك بما تبقى من مواطن الخوف في نفسي ..
سأسألك
عن هذه الحياة التعيسة ..
_كيف جاءت دونما جرم ؟
وعن حياة الطفل الراهب سابقا ..
_ هل ما تزال حسناتها مدونة عندك؟
تعليقات
إرسال تعليق