تهامة تغرق في وحل المشعوذين
من صغري وأنا لا أؤمن بالشعوذة، بدأ هذا الإجحاد يتنامى لدي من اليوم الذي مزقت فيه أوراق تميمة كانت معلقة على رقبة بقرة أمي وأنا في العاشرة من العمر.
كنت أمتلك ثقة صلبة بالله ويقينا راسخا بأن لا منفعة ولا ضرر إلا منه جل شانه، لدرجة أني كنت أسخر من قدامى السن الذي يتعاقبون لمرة ومرتين في العام على المشعوذين لطلب منفعة أو دفع مضره بل وأخرجهم من الملة لحديث رسول الله" من أتى كاهنا وصدقه فقد كفر بما انزل على محمد".
اذكر ذلك اليافع حين وقف أمام مالكة البقرة _أمي_ بشموخ يقطع التميمة ويذر فتات طلاسمها في الهواء وأشعر بالفخر.
وقتها قالت لي أمي بصوت يملؤوه الخوف أنها خائفة علي من أن أصاب بمس شيطاني نتيجة تعنتي وعدم احترامي للأشخاص الروحانيين، لكني دحرت ظنونها الخاطئة وطمئنتها بأن لاشي يصيب المرء ما لم يسمح به الله.
وبعد مرور أسبوع على الحادثة قفزت في الهواء أمامها بشكل جنوني قائلا لها : ها لقد مر أسبوع على الواقعة يا أمي،، انظري ابنك أمامك بكامل قواه البدنية والعقلية، ألم أقل لك انهم مشعوذون، دجالون، وضعفاء في نفس الوقت لا يستطيعون إيذاء المتوكلين على الله بشي.
ومذ تلك الوهلة أعلنت الحرب على المؤمنين بالمشعوذين في قريتنا، جربت معهم كل الوسائل، كنت ألجأ أحيانا للعن المشعوذ أمامهم متحديا إن كان يستطيع ذلك الشرير دفع الأذى عن نفسه بشي.
أستطيع القول حاليا بأن يقين الناس بالشعوذة تكاد تنقرض بشكل كلي في قريتنا خصوصا بعد انتهاء الرعيل الأول.
اليوم في تهامة
هناك ما فتح هذا الموضوع في راسي هذه الليلة، وأستثار غضبي من جديد.
في تهامة لم يعد ذهاب الناس نحو المشعوذين مقتصرا على إيجاد حل للأبقار التي لا تدر حليبا وافرا، أو الطفل الذي لم يتعافى من مرض معين كما كانوا يفعلون في بلدتنا من ذي قبل. لقد تعدى الأمر هنا إلى أن يطلب احدهم سحرا يفرق بين رجل وشريكة حياته، أو أن يطلب طلاسم تغير حياة رجل مثل أن يجعله ينفر عن بيته ويكره عمله وما شابه.
هكذا هي الصورة في تهامة، الكثير من أمثال هؤلاء يتناسلون هنا، يتكاثرون، يسعون لإهلاك الحرث والنسل بكل وقاحة، وصل الحد كما قيل لي بأن يباع السحر في الأسواق كما تباع السلع، فقط تذكر اسم الشخص الذي تريد الانتقام منه واسم أمه وتأخذ الطلاسم مباشرة مع ضمانات بفعاليتها !.
الأمر كارثي جدا.
ما الحل؟
المهمة الأولى ملقاة على عاتق الدولة بملاحقة هؤولاء الشياطين من البشر واتخاذ الإجراءات الرادعة بحقهم، سواء كان الشرير يعطي تمائم أو ماء منفوث فيه كما يتقول البعض منهم كذبا بأنها رقية شرعية.
ثم الأسرة..يجب ان يقوي الفرد ثقة أسرته بالله جل شانه، الصلاة في وقتها واذكار الصباح والمساء ثم "قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا هو مولانا".
تعليقات
إرسال تعليق