فن الأمبالاة
في مسيرة بحثي عن الكتب الخرافية التي لربما أنها تمنحني السر الذي أعثر به على الحياة التي أفتقدها حسب ظني.
وقع في يدي أخيرا كتابا ظريفا جدا ومفيدا بعنوان
"فن اللامبالاة " ، للكاتب " مارك مانسون "..
الكاتب هنا يحفز على عدم الإفراط في الاهتمام ، ويؤكد أن ذلك هو الحل الوحيد الذي سينقذ العالم . هو لا ينصح أبدا بالرغبة بالتجارب الإيجابية ويعتبر ذلك الأمر تجربة سلبية ، لكنه يسمح أن يقبل المرء تجاربه السلبية ويرى ذلك أمرا إيجابيا ..
يعلل كلامه قائلا : أن ملاحقة شي ما لا تفعل إلا تعزيز حقيقة انك مفتقرا لذلك الشي أصلا ، فكلما كنت شديد الرغبة بأن تكون ثريا كلما شعرت بأنك فقيرا بصرف النظر عن مستواك المادي ،،
وكلما اشتدت رغبتك في أن تكون سعيدا محبوبا كلما صرت أكثر إحساسا بالوحدة والخوف بغض النظر عن كل المحبين حولك !
ويؤكد مانسون .. أن عدم المبالغة في الاهتمام بأمر ما ، يعني أن يبدأ المرء مواجهة أكثر تحديات الحياة صعوبة وإثارة الخوف مع بقائه قادرا على العمل .
ويقول أيضا أن عدم المبالغة في الاهتمام الزائد لا يعني عدم الاكتراث مطلقا ، بل يعني أن تهتم على النحو الذي يريحك أنت .
يضيف الكاتب .. إذا وجدت نفسك على نحو متكرر كثيرا تمنح اهتماما أكثر مما يجب بالأشياء الثانوية التي تسبب لك الإزعاج ( صورة صديقتك القديمة على الفيس بوك ، وكم تضعف البطاريات الصغيرة سريعا في جهاز تحكم التلفاز ، وتضييع فرصة جديدة لشراء عبوتين من معقم الأيدي بثمن عبوة واحدة ) فمن المحتمل جدا انك تعيش حياة فقيرة !.
مشكلتك الحقيقية ليست في الصورة ولا معقم الأيدي ولا البطاريات ، مشكلتك تكمن في انك وظفت طاقتك ووقتك في أمورا ثانوية ليست لها أي معنى في حياتك وضاعت عليك الأمور المهمة .
ويكرر الكاتب في كل باب ، بأن كتابة لن يعلمك كيف تكسب مالا ، أو كيف تصبح شخصا عظيما ..
بل سيعلمك كيف تغمض عيناك وتثق بانه من الممكن أن تسقط على ظهرك وتظل بخير ، وسيعلمك أيضا " ألا تحاول !" .
اشد ما لفت انتباهي من كلامة وهو يسرد قصة ملكا انجب طفلا وبنى له قصرا مشيدا بحصون شاهقة وتركه يعيش حياة الترف بمعزل عن معاناة الناس ، لولا أن الأمير كبر وأصبح عاقا لوالدة وأنفصل عنه في نهاية الأمر ليعيش في الشوارع كالمجنون ، تحت عنوان السعادة مشكلة ، عندما قال :
الحياة نفسها نوعا من أنواع المعاناة ، يعاني فيها الأثرياء بسبب ثرائهم ، ويعاني الفقراء بسبب فقرهم أيضا .
وختم مانسون كتابة بتعزيز فرضية " أنت مخطئ وأنا مخطئ في كل شي ".
يقول يجب أن ترى نفسك مخطئا في اختيار حبيبتك الحالية ، مخطئا في طريقة عملك ونوع وظيفتك ، ومخطئ حتى في منح ثقتك لزملائك الأوفياء ..
فبدلا من الجري وراء اليقين ، علينا أن نكون في حالة شك وبحث دائمين ، شك في معتقداتنا ، وأحاسيسنا وفي ما قد يحمله لنا المستقبل ،،
تعليقات
إرسال تعليق