حكاية إسم

رفات إنسان

يعرفني هذا الكوخ جيدا، أنا من أعود منتصف كل ليلة نحوه متثاقل الخطى منهك الجسد كعجوز في التسعين من عمره يحمل فوق ظهره ألف خيبة وألف نكبة وصدمة.

ها أنا قد عدت أيها الكوخ فلتستقبل رفاتي..
رميت حذائي، نزعت ساعتي، ملابسي، جمعت الهواء في صدري وأخرجته مرة واحده.
وأغمضت عيناي..
هناك شي يجب أن أتخلص منه أيضا لأصبح رفات.
هذا السطح فوقي لو كان يطير من مكانه، وهذه الأفكار المتزاحمة في خيالي لو كانت تموت أيضا.

هذا الليل يعرفني جيدا، يفهمني.
أنا رفات إنسان.
قبل 26 عام بزغت في هذا الكون فكرة أن يضاف إلى البشرية رقم باسمي، غير أن تلك الفكرة لم يكتب لها النجاح.
جئت نعم. لكني مجيئي لم يضيف لهذا العالم شي.
جئت ثم مت في منتصف طريق المجي.
ومع ذلك أنا سعيد جدا، لأني لست رقما في هذا العالم الصاخب، لا علاقة لي بالحماقة التي يصنعها البشر.
غريب أنا، لا أصنف ضمن أي مملكة، ولا أنتمي لأحد من المخلوقات على ظهر هذا الكوكب.

كائن تفصله خطوتان عن الحياة، ويبعد عن الموت بخطوة ونصف الخطوة، يترنح بين الحياة والموت، لا الموت يدركه ولا الحياة تدنو منه.

أؤمن بالخرافة، وأن هذا الكون خلق بمقاييس خارجة عن حدود تفكير الإنسان وإدراكه.
ويسكنني الشك. الشك من كل شي، أشك بنظرية كروية الأرض، وقوانين الجاذبية، و أشك بالتاريخ أيضا.
ثم أما بعد:
هاك يدي، يا ظلي أعاهدك مرة أخرى قبل أن أغفو على أن نظل لبعضنا لما تبقى من العمر.
أنا لنفسي، ونفسي رفات.
لن أفرط في شي مني، هذا الخوف الذي يملأ جوفي سوف أمنحة شحنات إضافية من الطمأنينة حتى يهدأ ويطول مكوثه، الخيبة التي تكتنفني ستظل معي وبي أبدا ما حييت.
#أنا_لنفسي .