أمنيات مغايرة للمقاس
مثل طفل يقظ في ليلة عيد، يقاوم السبات، ينتظر شمس الغد تسطع عليه، ينتظر العيد. والعيد مختبئ داخل كيس أسود تركه أباه بعد وصوله من سفره وقت صلاة العشاء عند عتبة الباب مربوطا بطريقة لا يقوى الطفل على فتحه.
الساعة الثالثة بعد منتصف الليل..
خفت الأصوات الممزوجة بالشهوة تلك التي تأتي من غرفة النوم، إغتنم الطفل الفرصة وتسلل نحو الكيس يحاول أن يفتحه ليرى العيد..
يسمع أباه صوت تحريك الكيس فيخرج عاريا نحوه، يتراجع الطفل، يحاول أن يعود لفراشه لولا أن صفعة والده سبقته قبل أن يمتد على الفراش.
الأب يسخط وهو يتأكد من سلامة الكيس، والأم تصرخ من الحمام بصوت عال تلعن اليوم الذي ضاجعت فيه الأب لتنجب هذا الطفل الأبله!.
يكتم الطفل البكاء والخوف حتى عاد ألاب للداخل، البكاء من الصفعة المؤلمة، والخوف من المنظر البشع لقضيب أباه الذي لمحه للمرة الأولى في حياته.
يعود الأب للداخل، والطفل يشرع يفكر في العيد من جديد، ولا نوم يطرق أجفانه بعد، كان ينتظر الضجيج المتصاعد من الداخل ليهدأ دون جدوى، ذلك الجدار الذي يفصله عن المعركة التي تجري خلفه لم يعد جدارا، حتى كرسي أمه تلك التي تسبقه بالنوم كل ليلة لم يهدأ صريرها في ليلة العيد المنتظر حتى الصباح!.
مضى جل الليل والطفل ساهد مكانه على سريره الخشبي الصغير مثل تمثال يرمق الكيس الأسود فحسب.
وقبل أن تشرق الشمس حمل الطفل الكيس مسرعا نحو أمه التي لم تصحوا بعد، أماه أماه ..
بدت الأم نائمة في أحضان أباه مثل ميته، تحسس أقدامها، كرر عليها صوت النداء، ركل صحن حديدي كان في الأرض لعلها تصحوا على وقعه.. دون جدوى.
خاف الطفل على أمه، رمى الكيس من يده، لم يبالي من أن يتحطم العيد داخله لشدة خوفه على أمه، أخذ يلملم الملابس الداخلية المرمية تحت السرير فوق بعضها ووضع فوقها وسادة ليصعد بقدمه ويلمس وجه أمه فالسرير عال.
تسلق بصعوبة بالغة وشد نوائب شعر رأسها ثم صاح بقوة أماااااه،،،
وأفاقت الأم.
تنهد الطفل، حمد الله، أمه لم تمت.. ثم عاد يبحث في الركام عن العيد.
قامت أمه بفتور شديد، فتحت الكيس الأسود وناولته سروالا أسود فضفاض يكبر عن مقاسه ب ١٠ سم، وشميزا بني اللون وصل عند لبسه له إلى ركبته.
إرتدى بدلته الجديدة، تسمر مكانه ينظر لنفسه وهو يضيع فيها.. يغرق.
فتش في حلقه عن كلام يقوله في تلك اللحظة المؤسفة ولم يجد شيئا غير الغصة. إكتفى بأن أطلق في وجه أمه الممزق بعد أحداث البارحة تنهيدة من أعماقه وعاد أدراجه لينام عوضا عن الليلة التي لم ينام فيها إنتظارا للعيد.
نوما هنيئا يا صغيري.
لست وحدك، كلنا إنتظرنا بالطريقة نفسها، ثم جاءت الأحلام على غير مقاسنا !.
#أقدار
تعليقات
إرسال تعليق